فضاء حر

مفاسد في قطاع العدالة

يمنات – الصحيفة الورقية

مفهوم العدالة الانتقالية يربط بين مفهومين اثنين العدالة والانتقال ولكن المعنى الدلالي الأدق للمفهوم يعني تحقيق العدالة اثناء الفترة الانتقالية التي تمر بها دولة من الدول.

ولما للعدلة الانتقالية من اهمية فإن وزارة العدل توصف بحق انها المرآة المنيرة للثورة ،ومن المهم ان ينتقى وزير العدل بعانية فائقة، اذ لا يعين وزير عدل بعد الثورات الا قاض مشهود له بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية والبعد عن التيارات الحزبية والدينية ..

اما في اليمن فقد تم تطبيق العكس، فوزير العدل اليمني أصولي ايديولوجي فرضه الجنرال علي محسن الاحمر لخدمة اجندته والحفاظ على مصالحه السياسية والاقتصادية والعقارية ، وقد أثرى ثراء فاحشا، وهو ما يزال يمارس اليوم في قطاع العدالة شتى أنواع الاقصاء والتهميش، لكل الذين لا يدورون في فلكه وفلك حزبه، ولا يجد حرجا في العبث بموازنة القضاء وصرف الاعتمادات والموازنات على الأهل والمقربين من حزبه وشلته. كما تستمر الممارسات الآيلة الى تعيين مخبرين في مفاصل القضاء وتهميشه وسحقه لمصلحة القضاء الاستثنائي (المحاكم المتخصصة)، فضلا عن اغراقه بأيديولوجيين تكفيريين.

وهذا ما نقرأه بشكل خاص من خلال تعيين معظم اعضاء هيئة التدريس بمعهد القضاء من القضاة المنتمين لحزب الاصلاح رغم أنهم لا يملكون من المؤهلات العلمية ما يؤهلهم لمثل هكذا وظائف سوى انهم منتمون للجماعة من امثال القاضي باعباد وصهره القاضي محمد القاضي اللذان تم اختيارهما لتدريس الطلاب بالمعهد، وكذلك تعيين  الشيخ محمد الصادق المغلس، الاستاذ بجامعة الايمان، كعضو هيئة تدريس في المعهد العالي للقضاء، ابتداء من هذا العام، وتمكينه من تدريس طلاب المعهد مدونة السلوك القضائي. والمغلس عرف من آرائه أنه يبشر بمجيء الخلافة عام 2022م وأن الغرب يتآمر على المسلمين باللقاحات التي تعطى للأطفال، وأن دخول المرأة القضاء كان زلة لا يجب أن تستمر.

والواقع أن تعيين المغلس يشكل بداية المسلسل، والذي يترافق مع الاصرار على استبعاد فقهاء قانونيين من أمثال المحامي البارع أحمد الوادعي من التدريس في المعهد من باب نسف التفكير العلمي ووعي الدارسين بأصول القانون. كل ذلك وسط شائعات عن رغبة الوزير بتعيين قضاة من خريجي جامعة الايمان الاسلامية، فيما يعين خريجو المعهد العالي للقضاء في النيابة العامة. ورغم كل هذه المنزلقات (التي يظهر فيها القضاء اليمني على اهبة الذبح)، لم يصدر قضاة اليمن حتى اليوم، ولو بيانا لرفض مثل هذه التصرفات، انما هم يكتفون بالتشكي والتأفف في المجالس المغلقة.

وفي المقابل، تستمر مصادرة حق القضاة في تشكيل وانتخاب منتداهم الميت منذ لحظة ولادته عام 1996م، بل يجري التحضير  حالياً- على قدم وساق- لإعادة انتخاب هيئاته بناء على نظام أساسي صيغ في عهد الدكتاتورية، وينيط بالمندوبين أعضاء المنتديات الفرعية انتخاب رئيس الهيئة الادارية وأعضائها، وفي إصرار على الحؤول دون جمع القضاة في مؤتمر عام على غرار ما يحصل في مصر، ودون تمكينهم من انتخاب ممثليهم مباشرة في جمع مماثل. وهذا النظام المخالف لبديهيات العمل النقابي الديمقراطي سيؤول حتما الى اعادة انتاج وجوه هزيلة تسبح بحمد وزير العدل ورئيس المحكمة العليا. ورغم ذلك، يستمر صمت القضاة.

لقد دعيت الجمعية العمومية لنادي قضاة مصر للانعقاد وعقد اجتماعها الطارئ في ظرف يومين، فلماذا يصر البعض على تهويل انعقاد الجمعية العمومية لقضاة اليمن؟

بل أكثر من ذلك، ما عسى القضاة يفعلون ازاء استبعاد قاض أو التعرض له؟

تراهم ينقسمون الى فئات ثلاث: فئة تعمد الى تخطئة القاضي المذكور «مشي حالك كم جهدك»،والأخرى تلوك خطابا منبطحا ممجوجا ظاهره الرغبة باسداء النصح من قبيل «لا تظلم نفسك سيعزلونك وستتشرد وتموت أنت وأبناؤك جوعا»، فيما البعض الآخر يتوسط بقوله «ما رأيك نحل المشكلة بينك وبين الوزير ونسد بينكم ويعينك في محكمة حالية في صنعاء، ويصرف سيارة وابرد لك من وجع القلب؟»، وكل ذلك من دون أي التفاتة الى استقلالية القضاء

 

تحذير لجميع قوى الثورة :

قام القاضي عبد الولي الشعباني القاضي الجنائي بمحكمة غرب الامانة المتولي لقضية جمعة الكرامة بإحالة ملف القضية الى الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا ،من غير ان يدفع امامه احد من اوليا الدم او محامي المتهمين في مخالفة واضحة للقانون والغرض من تلك الاحالة واضحة وبينة لالبس فيها وهو تحصين قانون الحصانة قضائياً أي منح قانون الحصانة حصانة

قضائية بحيث يستحيل اسقاطه مستقبلاً عندما تتغير الظروف، لأننا سنواجه حينها بما خلاصته ان الاحكام عنوان الحقيقة واننا امام حكم قضائي له حجية  وقوة الأمر المقضي به واحكام القضاء يجب ان تحترم ويستحيل اسقاطه.. الدائرة الدستورية لاشك ولاريب انها ستقضي بدستورية ذلك القانون سيء الصيت لان رئيسها وجميع اعضائها معينون من الرئيس السابق ولم يعين فيها اعضاء جدد وولاؤهم للنظام السابق الحالي وليسوا مستقلين  ..

يذكر ان من سعى لإصدار قانون الحصانة هو اللواء علي محسن الذي عين وزير العدل والأخير صرف سيارة بمبلغ 35الف دولار للقاضي متولي قضية جمعة الكرامة رغم كونه حديث التخرج في أغرب سابقة في تاريخ القضاء اليمني  حسب ما اعلم ان تصرف سيارة لقاض جزئي مستجد وهناك العشرات من ذوي الاقدمية يعملون رؤساء محاكم لم تصرف لهم سيارات، فلماذا تمييز ذلك القاضي دوناً عن زملائه؟!

الغرض من ذلك السير بقضية الكرامة في اتجاه معين وقد بدأ فعلاً بالانحراف بالقضية عندما قرر الاحالة الى الدستورية وأرى انه من الممكن حالياً الوقوف بقوة والضغط بمسيرات ومظاهرات لإيقاف صدور حكم الدستورية قبل ان يقع الفأس في الرأس ..

زر الذهاب إلى الأعلى